ينبغي أن تكون هذه الأهداف
موضوع نقاش معكم اليوم وإلى غاية توفر معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة
2014 في حدود منتصف العام قبل تقديمها بشكل رسمي في إطار التقرير الوطني السادس الذي
سيتزامن مع موعد 2015. وسوف تقتصر مداخلتي، إذا سمحتم، على بعض الأهداف لما بعد 2015، على أمل أن محتواها سيتم إثراؤه واستكماله بأهداف
أخرى، وذلك بفضل إسهامكم المعرفي وتجربتكم.
الاستفادة
من الهبة الديموغرافية لإصلاح النظام التربوي وتثمين مؤهلات
وطموحات الشباب
إصلاح النظام التربوي لتحسين مردوديته
يعتبر التعليم عاملا للمساواة
وللنهوض الاجتماعي. ويبقى الفرق في مستويات التعليم والتكوين مصدرا لعدم تكافؤ الفرص،
فزيادة عدد سنوات التمدرس بسنة واحدة تمكن من تحسين فرص الارتقاء الاجتماعي ب
13.7٪ في المتوسط.
إذ يجب أن
يكون التعليم موضوع إصلاحات هيكلية لتحسين مردوديته. في هذا المجال، يتوجب إدراج
تعميم التعليم الأولي من بين أهداف ما بعد سنة 2015. وبالفعل، فكل تلميذ استفاد من
التعليم الأولي له الحظ في تجنب الهدر المدرسي بنسبة ست مرات
أكثر ممن لم يتلقى هذا التعليم.
تشكل الاستفادة
غير المتكافئة في نظام التعليم والتكوين أحد أهم أسباب عدم المساواة، حيث أن
31.3٪ من إجمالي عدم المساواة تعزى إلى تفاوت مستويات تعليم
أرباب الأسر.
وتعزى التفاوتات في الأجور إلى
الظروف التي يواجهها الأفراد والخارجة عن إرادتهم (عدم تكافؤ الفرص). على الصعيد الوطني، يسهم عدم تكافؤ الفرص بنحو 26.4٪ في تفاوتات الأجور.
تكشف الدراسة حول الحركية الاجتماعية الطابع الهيكلي لعدم المساواة، فمعدل الارتقاء الاجتماعي هو أعلى لدى الرجال (43.7٪) مقارنة بالنساء (17.9٪) وأكثر شيوعا في الوسط الحضري (51.1٪) مقارنة بالوسط القروي (14.8٪).
تثمين مؤهلات وطموحات الشباب
يجب على المغرب تثمين الفرص التي يتيحها انخراطه في
انتقال ديمغرافي متقدم، خصوصا، تثمين المؤهلات
الهامة التي يجسدها اليوم ولفترة طويلة، الوزن الذي يمثله الشباب ضمن الهرم السكاني للمغرب.
نحن
نعلم أن الشباب المغربي، يظهر تطلعات
قوية لأنماط جديدة من الاستهلاك، وقيم جديدة للتعبير والسلوك ونماذج جديدة للاتصال.
لكن، وفي سياق تراجع التضامن العائلي الذي يمكن من التخفيف من
تكلفة دخول الشباب للحياة النشيطة،
يواجه الشباب اليوم عدم ملائمة تكوينهم مع
متطلبات سوق الشغل ومعاناتهم كذلك من آفات البطالة والشغل الناقص وضعف دخلهم. وهم الآن من بين الفئات
الأكثر عرضة للبطالة. يبلغ معدل
البطالة لدى الفئة العمرية 15-24 سنة
19.3٪،
أي ضعفي
المستوى الوطني.
ويصل هذا المعدل إلى 25٪ بين الشباب حاملي الشهادات المتوسطة و 60٪ من بين خريجي
التعليم العالي.
لذا فإنه ليس من المستغرب أن بحوثنا تبين مستويات عالية لعدم ثقتهم بالمؤسسات
وتفاوتا في إدراكهم للحقائق الوطنية مع ضعف تواصلهم مع المنظمات الاجتماعية
والسياسية. وهذا ما يفسر أن أكثر
من نصف الشباب لا يشاركون بالمرة في الانتخابات، 21٪ منهم فقط تعطي
ثقة كبيرة للعدالة، و17٪ للصحافة و16٪ للمنظمات غير الحكومية و9٪ للبرلمان و7٪ للجماعات المحلية و 5٪ للأحزاب السياسية.
إعادة التوازن في
الفوارق بين الرجال والنساء
رغم التحسن الملموس في تقليص
الفوارق بين الجنسين، لا زالت 45.7٪ من النساء تعاني من الأمية ومستويات عدم
النشاط والبطالة، بشكل أكبر بكثير مقارنة بما يعرفه الرجال. حيث تبلغ نسبة مشاركة
المرأة في سوق الشغل أقل من 24٪. أضف إلى ذلك أنه بالرغم من جهودها في الحصول على
دبلوم، تعاني المرأة من البطالة مرتين أكثر من الرجل، بنسب تبلغ على التوالي28٪
و14٪ . فضلا عن ضعف مشاركتهن في سوق الشغل، فإن النساء الأجيرات لديهن أجر متوسط أقل
ب 26 ٪ مقارنة بالرجال.
بالإضافة
إلى ضعف مشاركة النساء في سوق الشغل، فهن أكثر عرضة للبطالة من الرجال (9.9٪ لدى النساء مقابل 8.7٪ لدى الرجال
سنة 2012). هذا التمييز
في الولوج إلى التشغيل هو أكثر
حدة بين الحاصلين على شهادة الباكالوريا (2.6
مرة)، وخريجي الجامعات (2.1 مرة) والمدارس والمعاهد (1.8 مرة) والتقنيين
والأطر المتوسطة (1.5 مرة).
يبرز ضعف إدماج النساء في المجال الاقتصادي من خلال طبيعة عملهن
المتسم بالعمل المنزلي والعمل بدون أجر. تؤدي النساء معظم العمل المنزلي 92)٪(، في حين لا تمثل حصتهن في
الحجم الإجمالي للعمل المهني سوى 21٪.
وهكذا، فإن المرأة ليس لديها فقط
فرص قليلة للولوج إلى تكوين مؤهل وشغل مؤدى عنه، ولكنها تتعرض
أيضا إلى التمييز من حيث تعويض الأجرة. وتمثل
النساء 33.6٪ من المأجورين على المستوى الوطني ويستفدن فقط ب 20.9٪ من كتلة الأجور.
ويتقاضين أجرا يقل ب 26.2٪ عما يتقاضاه الرجال.
في مجال الارتقاء الاجتماعي، فإن حظ المرأة لتبوء مكانة اجتماعية أعلى من مكانة والدها تقل ب 7.1
مرة عن حظ الرجل.
لا زالت نسبة الأمية لدى النساء
القرويات جد مرتفعة، حيث بلغت 52.6٪
سنة 2012، أي ما يمثل فارقا زمنيا يبلغ 30 سنة مقارنة مع المتوسط الوطني. هذا، و يطال العنف 62.8٪ من النساء، واللائي تعتبر وضعيتهن هشة للغاية. ويبين ضعف مشاركة النساء
في الحياة السياسية، أن تكافؤ فرص هاته الفئة من السكان هي
ضرورة وطنية مؤكدة. يتعين إدراج ولوج
النساء إلى مصادر المعرفة والثروة وسلطة القرار، مثل الرجال، مع القضاء على خرق حق
الفتيات في احترام السن القانوني للزواج من بين أولويات السياسات العمومية في جدول الأعمال الوطني لما بعد 2015.
ضمان تقاعد كريم لساكنة مسنة في تزايد
ينبغي أن يكون هدف ضمان
تقاعد كريم للساكنة
المسنة أولوية في أجندة الأهداف
لما بعد سنة 2015. إن شيخوخة
السكان، التي تثقل أصلا النظام الصحي وصناديق التقاعد والرعاية
الاجتماعية من شأنها أن تعقد أكثر تدبير هاته الإشكالية.
ومن المتوقع أن تنتقل نسبة الأشخاص
المسنين من 9.6٪ سنة 2014 إلى 24.5٪ سنة 2050. يقتضي التضامن بين الأجيال توسيع
الانخراط في أنظمة التقاعد. 84٪ من الأشخاص المسنين لا يستفيدون من التقاعد و 87٪ لا
يتمتعون بتغطية صحية.
لهذا،
يتعين أن يشكل إدماج الأشخاص المسنين في أنظمة تحصنهم من تدهور ظروف عيشهم واجبا وطنيا،
وخاصة في بلد
يولي احتراما خاصا للمسنين
ولدورهم
في الحفاظ على التوازن العاطفي
للأسرة.
إن هذه
الضرورة، تعتبر أكثر إلحاحا بالنظر للحالة الصحية للأفراد ما بعد 60 سنة مع تعرضهم
للإصابة بأمراض مزمنة، ونتيجة لذلك، فإن مردوديتهم تعرف تراجعا مع تقدمهم في السن،
لذلك ينبغي أن تأخذ الإصلاحات المرتقبة في الأنظمة الوطنية للتقاعد بعين الاعتبار،
الآثار المترتبة عن احتمال تمديد سن التقاعد.
لقد
استبق دستور 2011 القضايا الرئيسية في مجال مشاركة المواطنين في مختلف الهيئات
الاجتماعية (المنظمات غير الحكومية، النساء، الشباب، هيئات الحكامة،الخ...) فضلا
عن تعزيز حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة. هذه القضايا، التي هي اليوم مطروحة للنقاش
على المستوى الوطني، ستشكل لا محالة المحاور الرئيسية لتقرير سنة 2015 حول حصيلة
إنجازات أهداف الألفية للتنمية.