نظم مركز الدراسات والأبحاث في منظومة التربية والتكوين المناظرة الوطنية السادسة حول أسئلة إصلاح منظومة التربية والتكوين تحت عنوان “ التعليم العمومي والخصوصي بالمغرب٬ أية سياسة تربوية؟ لأي مجتمع؟ “ وذلك يومي الإثنين 17
و الثلاثاء18 نونبر ٬2014 بقاعة مدينة الثقافة والفنون بآسفي.
عرفت المناظرة مشاركة عدد من الأطر الفاعلة في مجال التربية و التكوين٬ من خلال عروض انصبت جلها في التأكيد على ضرورة إصلاح التعليم٬ و تنزيل ما جاء في الدستور ٬ و ثنائية تعليم عمومي و آخر خصوصي٬ وإشكالية الخصخصة التي تروم الحكومة تفعيلها في هذا القطاع وخاصة في التعليم العالي و مما يعكس سلبا على مجانية التعليم٬ باعتباره ليس ترفا اجتماعيا بل ضرورة حيوية لأي مجتمع يسعى إلى الخروج من دوامة الجهل و التخلف.
ترأس الجلسة في اليوم الأول الدكتور علي بوطوالة أستاذ اقتصاد التربية بمركز تكوين مفتشي التعليم بالرباط٬ عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم٬ فيما أكد الدكتور سعيد العلام الحاصل على دكتـوراه في العلوم السياسية٬ أستـاذ بالمـركـز الوطنـي لمفتشـي التعليم٬ ورئيس مركز الدراسات والأبحاث في منظومة التربية والتكوين٬ في مداخلته حول “ التعليم الخصوصي في المغرب و سؤال الجدوى ”. أن الحل في إصلاح التعليم يبدأ بتنزيل مضامين الدستور في الفقرة 4 من الفصل32 والعمل على استرجاع الدور الريادي للتعليم العمومي. وأوضح المتحدث ذاته اللبس الذي يكتنف تحديد معنى التعليم العمومي والخصوصي٬ حيث هناك من يضعه في مقابل التعليم العمومي في سياق التنافس والتضاد٬ و من يعتبره ضرورة للتعليم العمومي تقلل من أهميته في استقطاب الأنصار و الزبناء٬ وهناك من يرى أن التعليم الخصوصي يتحدد في مقابل المجانية لأنه مبني على الأداء أو ما أسماه بتعليم مؤدى عنه. مضيفا أن هناك غموضا من حيث ظهور التعليم الخصوصي ضمن المشهد التربوي وطنيا٬ مما يطرح النقاش حول مشروعيته واستجابته لتطلعات الشعب المغربي وذلك انسجاما مع تطلعات الحركة الوطنية ومبادئها ( الوحدة٬ التعميم ٬ المجانية)..ويرى العلام أن ثنائية تعليم خصوصي/ عمومي تطرح إشكالية الحق في التعلم التي تتخذ طابعا عاما٬ يشترك فيه
التعليم العمومي والتعليم الخصوصي٬ لكن هذا الأمر لا يخلو من صعوبة بالنظر إلى التفسير الذي من الممكن أن يقدمه البعض لمعنى الحق في التعلم٬ فالحق هنا يضيف الدكتور العلام يعني ضمان التعلم للجميع على قدم المساواة٬ حيث تلزم الدولة بتوفير فرص متكافئة لولوج المدرسة مجانا إلى حدود سن السادسة عشر كما تؤكده المواثيق الدولية٬ مما يجعل وجود تعليم خصوصي يتعارض مع مبدإ الحق في التعليم كواجب على الدولة٬ الحق نفسه في التعلم يعطي الحق كذلك للآباء في اختيار نوع التعلم المناسب مع اختيارات الأسرة٬ فالدول من واجبها أن تحترم حريتهم في اختيار المدارس الخاصة أوالعامة و تأمين التربية الدينية و الأخلاقية لأبنائهم طبقا لمعتقداتهم٬ و ينبغي أيضا احترام ضرورة تعليم الجنسين معا٬ واحترام الفئات الدينية والعرقية واللغوية٬ وهذا ما يفهم من سياق الحديث عن تعليم خصوصي أنه اختيار ضمن اختيارات الدولة مدعوة لتوفير تعدد الاختيارات وهذا ما يؤكده الدستور“ التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة“ يطرح عدة إشكالات للنقاش؛ على رأسها الحسم في مجانية التعليم و ما قد يطرح من نقاش حول خصخصة المؤسسات التعليمية وبيع ممتلكاتها وفي سياق آخر “ ثنائية التعليم العمومي و الخصوصي إشكالية التزامات القطاع الخاص بدفتر
التحملات وبعض الانفلات والتسيب الذي يعاني منه القطاع بدخول (مول الشكارة )“ يقول العلام٬ لتطرح إشكالية الجودة واستنزاف موارد التعليم العمومي البشرية. و أشار المتحدث ذاته أن النقاش دائر لفتح الباب ودخول المستثمر المغربي والأجنبي لمجال التعليم العالي٬ وخصخصته بعدما كان بالأمس القريب مجالا محصنا من الرأسمال الخاص (كلية الطب٬ الهندسة..) وبالتالي ضرب لقيم كثيرة أسست لها المدرسة الوطنية (تكافؤ الفرص٬ المجانية٬ وحدة المدرسة٬ الشفافية..) كما أنه مدخل لإعادة بناء النسق الاجتماعي وتكريس للتمايز الطبقي٬ وتأجيج لصراعات فئوية..
فيما كانت مداخلة الدكتور حسن اللحية أستاذ علوم التربية بمركز التوجيه و التخطيط التربوي بالرباط حول “ ميلاد التعليم العام٬ ميلاد الدولة الوطنية“. ثم الدكتور عبد اللطيف الخلابي: أستاذ التعليم العالي مساعد بالمركز الجهوي لمهن التربية و
التكوين آسفي٬ في موضوع “ التعليم الحر في عهد الحماية و التعليم الخصوصي في المغرب المستقل“ فيما تحدث الدكتور أحمد أغبال : أستاذ علوم التربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس عن “ واقع وآفاق المدرسة العمومية و
المدرسة الخصوصية تفاصيل ما وراء الخطاب السياسي “ و الدكتور عبد الله زارو أستاذ سوسيولوجيا التربية بمركز التوجيه و التخطيط التربوي بالرباط٬ عضو مشارك بمختبر التاريخ العلم و المجتمع بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة بموضوع ”مفعول المدرسة العمومية و المدرسة الخصوصية من خلال السياق المدرسي“ .
كما عرفت عشية اليوم نفسه نقاشا مفتوحا انصب جله حول جدلية الجودة بين العمومي والخصوصي٬.. فيما خصص اليوم الموالي للورشات عمقت الحوار حول إشكالية جدوى التعليم الخصوصي٬ إشكالية ربط التعليم بالشغل٬ و إشكالية خصخصة التعليم التحديات و الرهانات التي عرفت نقاشا حادا بين الحاضرين حول أي مدرسة نريد؟ يشار أن المناظرة توجت بتكريم العديد من الوجوه قدمت لهم بعض الهدايا الرمزية و الشهادات التقديرية عرفانا للمجهود الذي بذلوه في إنجاح هذه الدورة.
إرسال تعليق