GuidePedia

0


تسعى منظومة التربية والتكوين إلى رفع، ما أمكن، مؤشر الاحتفاظ بالتلاميذ بمختلف الأسلاك الدراسية، وذلك باعتماد مختلف الوسائل التربوية منها والاجتماعية، حتى تسترجع المدرسة قيمتها الثقافية والاجتماعية، وحتى يسترجع التلاميذ وأولياؤهم الثقة في المدرسة وأدوارها الاجتماعية والاقتصادية المتجلية في الترقي الاجتماعي وتوطيد النهوض بدواليب الاقتصاد، وذلك عن طريق تنظيم حملات التحسيس بأهمية المدرسة في حياة الفرد والمجتمع.
من أجل ذلك، وفي إطار إجراءات تحفيزية، تلجأ السلطة التربوية ، إلى منح الأسر المعوزة بالوسط القروي دعما ماليا مقابل تمدرس أبنائها ومواصلة دراستهم الابتدائية. ويصاحب هذا الإجراء مراقبة المواظبة والحضور باعتماد وسائل متعددة للضبط والتتبع، من أجل محاربة الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة ومغادرة الأسلاك الدراسية، من جهة، والسعي إلى رفع نسب التمدرس وزيادة الإقبال على المدرسة ومحاربة التغيب، من جهة أخرى.
وحتى تتحقق هذه الأهداف، تعمل السلطة التربوية على تحسين العرض التربوي باعتماد دعامات متعددة، تختلف باختلاف الأهداف والمجالات استجابة لرغبات وطموحات الأسر المغربية الهادفة إلى تمدرس أبنائها حتى بلوغ أعلى المستويات التعليمية والتكوينية. وقد بدا جليا، من خلال روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في مختلف أبوابه ودعاماته، وكذا من خلال مشاريع البرنامج الاستعجالي، ومختلف النصوص التنظيمية، الاهتمام والرغبة الجامحة لدى السلطات التربوية ومؤسسات المجتمع المدني في محاربة الهدر المدرسي وتحقيق أهداف الاحتفاظ بالتلاميذ ما أمكن بمختلف الأسلاك الدراسية، باعتماد آليات عمل واستراتيجيات محددة بهدف التصدي للفشل الدراسي والانقطاع عن الدراسة، من أجل ضمان النجاح للتلاميذ ومواصلة دراستهم إلى حين تأهيلهم معرفيا ومهنيا. ولبلوغ هذه الأهداف والغايات، تتأسس منظومة التربية والتكوين على مجموعة ركائز ودعامات، تتجلى في عدة عمليات، تنطلق من وضع تصورات وبرامج ومناهج وفق الخصوصيات الاجتماعية والثقافية المغربية، إلى اعتماد تخطيط ملائم ووضع استراتيجيات للتنفيذ والمراقبة والتقويم باعتماد مختلف المقاربات وفق المجالات المعنية والأهداف المسطرة. كما تتأسس العملية التربوية على مجموعة عمليات تنطلق من تمكين التلاميذ من تحصيل دراسي حسب قدراتهم الفكرية والجسمية عن طريق تبليغ مضامين البرامج والمقررات وفق مناهج وطرائق وآليات مناسبة تضمن للتلاميذ تحصيلا دراسيا مقبولا، إلى مراقبة إنتاجات التلاميذ وتقويمها وتعديلها ومعالجة واستدراك النقص الحاصل على صعيد عملية التلقين والتحصيل الدراسي والبرامج والمناهج من أجل ضمان سيرورة تربوية تستجيب لطموحات الفاعلين التربويين والتلاميذ وأولياء أمورهم. ومن أجل مراقبة مستويات التحصيل الدراسي عند التلاميذ، يصاحب العملية التربوية نظام للتقييم التربوي ينهض على مجموعة من الإجراءات والتدابير التربوية، تتجلى في مجموعة من العمليات، منها إنجاز التلاميذ واجباتهم المنزلية، والبحوث الفردية والجماعية، والمشاركة الصفية، والفروض المحروسة، والاختبارات الموحدة، تستند جميعها إلى صياغة أسئلة اختبارية، تهدف قياس القدرات التحصيلية المعرفية والمؤهلات الجسمية للتلاميذ، ومنحهم نقطا تقديرية، تحدد درجات تحكمهم في مختلف الكفايات المستهدفة، من أجل اتخاذ قرارات النجاح والرسوب بناء على معدلات سنوية عامة، مقارنة بمعدل معين يجري الاتفاق حوله وفق حيثيات وعوامل متعددة يسمى عتبة النجاح.
من خلال محتويات الموضوع الحالي، نحاول، قدر المستطاع، استنادا إلى مراجع وتقارير ودراسات ميدانية، نحاول مناولة العمليات والتقنيات والحيثيات والطرق المنتهجة التي ترتكز عليها العملية التربوية، انطلاقا من عملية التلقين الدراسي، إلى حين حصول التلميذ على معدل سنوي، يتم اتخاذ على أساسه قرارات معينة، تربوية منها وإدارية، مرورا بعملية التقييم التربوي، والأسس التي ترتكز عليها، من قياس، وتنقيط، وتصحيح، ومنح نقطة، وتطبيق معاملات ونسب مئوية معينة، وحساب معدلات جزئية، ومعدل سنوي عام للتلميذ، وصولا إلى عتبة النجاح، واتخاذ قرارات تربوية وإدارية.
كما يتناول الموضوع بالدرس والمناقشة خصوصيات ومواصفات هذه العمليات، وسمات ومميزات مختلف العوامل المرتبطة بها والتي تتفاعل إيجابا وسلبا خلال مجريات ومراحل العملية التربوية برمتها، والأهداف المقصودة من وراء كل عملية والعناصر المرتبطة بها، وموقع المستشار في التوجيه التربوي وقرارات التوجيه والفصل والتكرار وأثرهما على التلميذ، ختما ببعض المقترحات التي نراها مجدية ومفيدة.
I.       العملية التربوية والتعليمية:  
يقصد بالعملية التربوية والتعليمية مجموعة من العمليات والإجراءات والنشاطات التي يشرف عليها فاعلون تربويون وأطر إدارية وتربوية بمؤسسات التربية والتعليم، تهدف إلى إكساب المتعلمين معارف نظرية ومهارات عملية أو اتجاهات إيجابية. والعملية التربوية والتعليمية نظام تربوي تكويني ينطلق، بداية من مدخلات، و سيرورة تنبني على معالجات، بعد مراحل في الزمان والمكان تفضي إلى ومخرجات. وتتعلق المدخلات بالتمدرس والمتعلمين، ومدى إقبالهم على المدرسة، ومدى الثقة التي يضعونها وأولياء أمورهم في أدوار المؤسسة التعليمية. أما المعالجة فتتجلى في مجموعة من العمليات التنسيقية التي تهدف إلى تنظيم المعلومات ومضامين البرامج وفهمها وتفسيرها وإقامة علاقة تسلسلية منطقية بين المعلومات السابقة والمعلومات اللاحقة من أجل بناء معرفي متين. وأما المخرجات فتتمثل في الطلبة المتخرجين من مؤسسة تعليمية أو تكوينية، وترتبط المخرجات بالمردودية الداخلية والخارجية لمنظومة التربية والتكوين. وتتأسس عملية التربية والتعليم على مناهج وطرائق بيداغوجية ووسائل ديداكتيكية ملائمة، تأخذ بعين الاعتبار التوجه العام للمجتمع ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وتتجلى في تأطير التلاميذ ومواكبة أعمالهم التعلمية عن طريق البحث الفردي والجماعي ونقل المعلومات وتبليغهم محتويات ومضامين البرامج والمقررات السنوية من أجل تنمية قدراتهم المعرفية ومؤهلاتهم الجسمية والحس-حركية، وتربيتهم تربية صالحة وتأهيلهم معرفيا ومهنيا وإعدادهم للاندماج في الحياة العملية.
II.  عملية التقييم التربوي:  
1.   التقييم التربوي عموما:  
لقد أجمع المربون والمهتمون بالمجال التربوي والتكويني، على أن مفهوم التقييم التربوي، يشير في معناه الواسع إلى أنه مجموعة عمليات تربوية ومدرسية وإدارية وتقنية ممنهجة ومنظمة، تهدف إلى تنظيم امتحانات واختبارات يتم على أساسها معرفة مستويات التحصيل الدراسي عند المتعلمين، انطلاقا من جمع معطيات معرفية وعاطفية وحس- حركية، ودراستها وتحليلها، بغرض التحقق من مدى بلوغ الأهداف التعليمية والتربوية المستهدفة، حتى يتمكن القائمون على الشأن التربوي والتكويني من اتخاذ القرارات الملائمة والهادفة إلى معالجة جوانب النقص والقصور التي تكتنف منظومة التربية والتكوين، من أجل تقويم مختلف الوضعيات المتعلقة بعملية التربية والتعليم، والبرامج والمناهج عموما واتخاذ الإجراءات والتدابير الناجعة، لتوفير نمو سليم نفسيا وجسميا للفرد، وتوفير مناخ صحي للأسرة، وضمان سيرورة مثمرة للمؤسسة التعليمية والبرامج والمناهج الدراسية، من خلال إعادة تشكيل البيئة التربوية والتكوينية.
ويجب أن تتميز عملية التقييم التربوي بالخصائص والمواصفات التالية: 
·       أن تتصف بالمصداقية وتتقيد بالوضوعية والإنصاف؛ 
·       أن تتسم بالصلاحية وتغطي جميع المستويات العليا للنشاط العقلي وكذا الجوانب المهارية والوجدانية والحس-حركية والاجتماعية؛ 
·       أن تكون مستمرة ومواكبة للعملية التربوية في كل مراحلها؛ 
·       أن تكون شاملة لكل الوحدات الدراسية المنجزة وكل مجالات الاهتمام؛ 
·       أن تكون متناسقة مع الكفايات والأهداف التربوية المحققة حسب كل وحدة دراسية وخلال فترة زمنية محددة؛ 
·       أن تترجم واقعيا مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية وذلك بتحقيق العدالة والمساواة بين جميع المتعلمين؛  أن تنهج أسلوب هادف للتنقيط يسهم في الكشف عن قدرات التلميذ الحقيقية من أجل معرفة واقع وضعه التعلمي؛ 
·       أن تجعل التلميذ يولي اهتماما لجميع المواد لتمكينه من تكوين متكامل في جميع المجالات؛ 
·       أن تمكن التلاميذ من التقدم في تحصيلهم الدراسي وتنمية قدراتهم المعرفية والجسمية والكشف عن الصعوبات التي تعترضهم خلال مسارهم الدراسي؛
·       أن تمكن مجالس الأقسام والتوجيه من اتخاذ قرارات موضوعية في حق التلاميذ بخصوص الانتقال والتوجيه؛  أن تعتبر وسيلة لتطوير العملية التربوية والتكوينية وذلك بتشخيص وضعية التعلم والتحصيل الدراسي عند التلاميذ.
وتنهض عملية التقييم التربوي على عمليتين أساسيتين هما:
 القياس والتصحيح:
1.1         القياس:
يعتبر القياس في المجال التربوي، مجموعة أنشطة، ترمي إلى الحصول على معطيات وبيانات ومؤشرات، تهدف معرفة قدرات ومؤهلات التلاميذ الفكرية والجسمية، من خلال أعمال محددة، تتجلى في أسئلة ومواضيع اختبارية، يطالبون بإنجازها، والقيام بتمارين، وأشغال تطبيقية، وفق شروط محددة، وباعتماد وسائل ملائمة في وضعيات معينة. ويتميز القياس كونه دائما غير مباشر، حيث ينصب على معارف ومهارات وقدرات يراد معرفتها لدى التلاميذ. فالقياس إذن يفتقد إلى الدقة، ومن ثم تعتريه أخطاء ناتجة عن أداة القياس ومستعملها، تؤدي إلى معرفة تقريبية لمقدار الموضوع، أو الشيء المقاس: يراد به هنا، إنجازات التلاميذ، من خلال أجوبة على أسئلة اختبارية كتابية أو شفوية، أو القيام بتمارين رياضية، أو إنجاز أشغال تطبيقية، أو غيرها في مجال التربية والتكوين. يبدو، إذن، أن عملية القياس، في المجال البيداغوجي والتربوي، مركبة ومعقدة، حيث إنها ترتبط بالإنسان والفكر الإنساني، ويتداخل فيها بالضرورة، ما هو عقلي معرفي، وما هو وجداني عاطفي، وما هو حس- حركي نفسي.
وبديهي أنه لا يمكن الفصل بين هذه المجالات الثلاثة التي ترتكز عليها العملية التربوية.
2.1-      التصحيح:
تشكل عملية تصحيح الامتحانات أهم محطة ضمن مسلسل تقييم المكتسبات المعرفية والمهاراتية للتلاميذ. وتتمثل عملية تصحيح الامتحانات في قيام المصحح بتقييم أعمال التلاميذ (الممتحنين، بفتح الحاء)، وذلك بمنحهم نقطة أو جزء منها تحدد قيمة إنتاجاتهم الفكرية والمهاراتية، آخذا بعين الاعتبار سلم التنقيط ونموذج الأجوبة المحددين سلفا، عن كل سؤال من الأسئلة المنجزة، وطبيعة الجواب عن السؤال المعني، ومضامينه، مقارنة بالمعايير المعتمدة والمتفق حولها مسبقا، توخيا لتحقيق مجموعة من المبادئ الهادفة إلى ضمان تكافؤ الفرص والمساواة، والمتجلية في الموثوقية والمصداقية والموضوعية والنزاهة.
فعملية التصحيح، إذن، عملية معقدة، تتدخل فيها عدة عوامل تربوية وإدارية وتقنية ونفسية، نعرض منها، على الخصوص ما يتصل بالمصحح والنقطة. 
ü    المصحح:
تسند إلى المصحح، الذي يعتبر غالبا مدرس المادة المعنية بعملية التصحيح، مجموعة من أوراق التحرير، لتقييم إنجازات التلاميذ، وذلك خلال مدة زمنية محددة، وفق النصوص التشريعية المنظمة، فيضطر للعمل بشكل متواصل حتى يكون في الموعد المحدد. ونظرا لتوالي العمليات المتشابهة شكلا ومضمونا وتكرارها آليا، ولمدة زمنيه ليست باليسيرة، يتسرب الملل إلى المصحح فيعيش ظروفا صحية ونفسية استثنائية خلال أيام التصحيح، نذكر منها، على سبيل المثال، لا الحصر:
أ‌- التعب والإرهاق: إن العمليات الآلية المتكررة تتطلب جهدا فكريا وعضليا. ومع مرور الوقت، والمصحح جالس بمقعده في قاعة التصحيح، يشعر أولا بتعب فكري فتكل أطرافه ثم يشعر بالألم يتسرب إلى جسده، فعينيه، فيصاب تدريجيا بالتعب والإرهاق الذي يؤثر على ميكانيزمات التفكير والاستيعاب.
ب‌- القلق: ينتاب المصحح قلق شديد من وطأة عدم الاستقرار النفسي جراء التعامل مع وضعيات متباينة ومعقدة، حيث يشعر بعدم الارتياح في كل لحظة يضع فيها نقطة معينة عن كل سؤال أو جزء منه، كما يعيش نفس الوضعية عند وضع النقطة المجملة. وهو يراقب ويراجع الورقة بعد الانتهاء من تصحيح مضمونها، يتملكه الشعور بالذنب خوفا من عدم الانتباه إلى جواب عن سؤال ما أو نقطة جزئية تم إغفالها في جانب من الورقة. إن هذه الوضعيات النفسية وغيرها، تؤدي بالمصحح، لا محالة، إلى اختلالات في تقدير النقطة الجزئية والإجمالية.
ü    النقطة:
تعتبر النقطة تقديرا كميا ناتجا عن عمليتي القياس والتصحيح، اللتين تحفهما أخطاء متنوعة ومتعددة المصادر. ومن ثم، فالنقطة لا تحدد، بشكل علمي وموضوعي قيمة إنتاجات التلاميذ الفكرية والمهاراتية، وبالتالي لا تحدد مستوى التحصيل الدراسي لديهم بشكل دقيق. وارتباطا بالواقع، كم تلميذا جيد المستوى الدراسي، حسب مساره الدراسي، اجتاز اختبارا معينا في ظروف عادية، ففاجأته نقط هزيلة في هذا الاختبار. وكم تلميذا ضعيف المستوى الدراسي، حسب مساره الدراسي، اجتاز اختبارا معينا في ظروف عادية، ففاجأته نقط مقبولة في هذا الاختبار.
وغالبا ما يحدث هذا في الامتحانات الإشهادية والمباريات، ما يؤدي بعدة تلاميذ وأولياء أمورهم إلى التقدم بطلب إعادة التصحيح، وقد عشنا هذه الوضعيات مرات متعددة.
2.   التقييم التربوي بمستوى السنة الثالثة ثانوي إعدادي:
يتأسس التقييم التربوي بمستوى السنة الثالثة ثانوي إعدادي على ثلاثة مكونات، هي: المراقبة المستمرة والامتحان الموحد المحلي والامتحان الموحد الجهوي، حيث إن:
1.2المراقبة المستمرة:
تتشكل المراقبة المستمرة من مجموعة فروض محروسة وواجبات منزلية وأشغال تطبيقية ومشاركة صفية، وكل ما يعتبره المدرس يندرج ضمن العملية التربوية ويهدف إلى تحديد المستوى المعرفي والمهاراتي لدى تلاميذ نفس الصف الدراسي. وتجري المراقبة المستمرة خلال فترتي السنة الدراسية، في جميع المواد المقررة والمدرسة بالمؤسسة التعليمية. ويطبق معامل واحد(1)، على كل مادة من المواد المدرسة. كما يتدخل المعدل السنوي للمراقبة المستمرة بنسبة ثلاثين بالمائة (%30) في حساب المعدل السنوي العام للتلميذ.
2.2- الامتحان الموحد المحلي:
يجري الامتحان الموحد المحلي في جميع المواد الدراسية المقررة، في آخر الفترة الأولى من السنة الدراسية. ويطبق معامل واحد(1)، على كل مادة من المواد المدرسة. ويتدخل معدل الامتحان الموحد المحلي بنسبة ثلاثين بالمائة (%30) في حساب المعدل السنوي العام للتلميذ.
3.2الامتحان الموحد الجهوي:
يجري الامتحان الموحد الجهوي في مواد التربية الإسلامية والاجتماعيات والعلوم الفيزيائية وعلوم الحياة والأرض واللغة العربية واللغة الفرنسية والرياضيات، في آخر الفترة الثانية من السنة الدراسية. ويطبق معامل واحد(1)، على كل من مواد، التربية الإسلامية والاجتماعيات والعلوم الفيزيائية وعلوم الحياة والأرض، أما مواد اللغة العربية واللغة الفرنسية والرياضيات، فيطبق على كل منها معامل(3). ويتدخل معدل الامتحان الموحد الجهوي بنسبة أربعين بالمائة (%40) في حساب المعدل السنوي العام للتلميذ. 3. التقييم التربوي بسلك الجذوع المشتركة والسنة الأولى من سلك البكالوريا: يخضع تلاميذ الجذوع المشتركة والسنة الأولى من سلك البكالوريا إلى نظام المراقبة المستمرة، وينتقلون إلى المستويات الموالية ويتوجهون إلى نوع الدراسة التي يميلون إليها ويرغبون فيها، على أساس المعدلات السنوية المحصل عليها مقابل مختلف إنجازاتهم الفكرية والجسمية والمهارية
III.    المعدل السنوي والمتغيرات التي يرتبط بها:
يتحدد المعدل السنوي العام للتلميذ بدلالة مجموعة من التغيرات، حيث يرتبط، بمستوى السنة الثالثة ثانوي إعدادي، من ناحية، بكتل المكونات الثلاثة للتقييم التربوي:
[ المراقبة المستمرة (%30)، الامتحان الموحد المحلي(%30)، الامتحان الموحد الجهوي (%40)].
ويرتبط من ناحية أخرى بالمعاملات المطبقة، خصوصا على المواد المدرجة بالامتحان الموحد الجهوي، وعلى الأخص منها، مواد اللغة العربية(معامل 3)، اللغة الفرنسية (معامل 3)، الرياضيات (معامل 3).
أما بمستويي سلك الجذوع المشتركة والسنة الأولى من سلك البكالوريا، فتطبق معاملات مرتفعة، على المواد الأساسية لكل جذع مشترك أو شعبة دراسية. وبديهي أن كتل مكونات التقييم التربوي والمعاملات المطبقة، تلعب أدوارا مهمة في التحكم في قيمة المعدلات السنوية العامة، حيث تسهم إما في رفعها، إذا ارتفعت نقط المواد الأساسية، أو في خفضها إذا انخفضت نقط هذه المواد. وللعلم، فإن نتائج تلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي، تبدو مقبولة، في حدود معدلات المراقبة المستمرة والامتحان الموحد المحلي. وباعتبار المعدل السنوي العام ناتجا عن مجموعة من النقط والمعدلات المتغيرة والنسبية، فإنه بالضرورة مقدار متغير ونسبي، وبالتالي لا يمكن من إصدار أحكام دقيقة وموضوعية حول مستويات التحصيل الدراسي عند التلاميذ.
IV.        عتبة النجاح:
تعتبر عتبة النجاح معدلا سنويا عاما يجري الاتفاق حوله لعدة اعتبارات تربوية ومدرسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، يحدد بشكل مباشر نسبة وعدد التلاميذ الناجحين المنتقلين لمتابعة دراستهم بالمستويات الموالية، والموجهين إلى نوع من الدراسة المناسبة لقدراتهم الفكرية والجسمية والملائمة لرغباتهم وميولاتهم الشخصية . وتفصل عتبة النجاح، من حيث قيمتها الكمية، بين مجموعتين من التلاميذ، إحداهما تضم تلاميذ ناجحين وأخرى تضم تلاميذ راسبين. أما من حيث الجوانب الكيفية والنوعية فلا يمكن الجزم، بشكل مطلق وقطعي، أن عتبة النجاح تمكن من إصدار أحكام موضوعية حول طبيعة المردودية المدرسية والتحصيل الدراسي لدى التلاميذ، كونها ترتبط بمجموعة من النقط والمقادير التي تعتريها أخطاء ناجمة عن عمليات القياس والتصحيح وطبيعة الأسئلة والمواضيع الاختبارية، وكونها تختلف وتتغير حسب حيثيات وحالات، نعرضها لاحقا.
ولتعزيز ما أسلف، نلمس بجلاء، بمستوى الثالثة ثانوي إعدادي، حسب الوسط المدرسي، حضري أو قروي، عتبتين للنجاح مختلفتين، تبعد الواحدة عن الأخرى بأضعاف مهمة للنقطة، حيث تقصي العتبة الأولى عددا لا يستهان به من التلاميذ، الذين تضمن لهم العتبة الثانية النجاح والانتقال والتوجيه، الشيء الذي يمكن القول معه، أنه لا يوجد فرق جوهري من حيث التحصيل الدراسي بين مجموعة التلاميذ الحاصلين على عتبة النجاح فأكثر والمجموعة المتواجدة ما دون هذه العتبة.
أما بسلك الجذوع المشتركة، والسنة الأولى من سلك البكالوريا، فيتم تحديد معدل 10 من 20 كمعدل للنجاح والتوجيه، إلا أن مجالس الأقسام والتوجيه، وبعد مناقشات وتداول في النتائج، تنزل عن معدل 10 من 20، في إطار ما يسمى بالجبر، معللين قراراتهم: “أن عددا من التلاميذ غير الحاصلين على هذا المعدل، يمكن أن يسايروا دراستهم بالمستوى الموالي، حيث إن ظروفا معينة عابرة يمرون بها، سرعان ما تتلاشى وسوف يستدركون ما فاتهم، فيعززون تحصيلهم الدراسي”. وهكذا يتبين أنه، في كل مستوى من مستويات التوجيه، يتعلق الأمر بعدة عتبات للنجاح، وأن كل تلميذ حاصل على هذه العتبة أو تلك، ينتقل إلى المستوى الأعلى، ويوجه إلى نوع من الدراسة التي يميل إليها ويرغب فيها، والتي لا يتردد مجلس القسم والتوجيه، في المصادقة على أغلبها، ومناقشة بعض الحالات، تلك التي لا تتسم بوضوح جانية التوجيه، إلا أن المدرسين يتوصلون إلى الحسم فيها، كونهم الأقرب إلى التلميذ، حيث تعايشوا معه خلال سنة دراسية على الأقل، وواكبوا مساره الدراسي. وكون عتبة النجاح تتطابق وأحد المعدلات السنوية، فإنها تنطبق عليها جميع مواصفات وخصائص المعدل السنوي للتلميذ، وتعتريها الأخطاء والشوائب التي تعتريه. وبالتالي، كانت منخفضة أو مرتفعة، فإنها تحدد فقط نسبة تلاميذ ناجحين، ونسبة تلاميذ راسبين، ولا تمكن من التمييز بشكل جوهري ودقيق بين مستوى تحصيلهم الدراسي وقدراتهم الفكرية والجسمية.
Vدور المستشار في التوجيه التربوي:
من البديهي أن كل تلميذ يطابق معدله السنوي عتبة النجاح أو يفوقها، ينجح وينتقل ويتوجه إلى أحد أنواع الدراسة التي يرغب فيها ويميل إليها. حيث إنه، خلال السنة الدراسية، يستفيد جميع التلاميذ، وبتنسيق وتشاور مع مدرسيهم وأولياء أمورهم، يستفيدون، تحت إشراف المستشار في التوجيه التربوي، أحيانا، وبمشاركته، أحيانا أخرى، من خدمات الاستشارة والمساعدة على التوجيه، المتمثلة في مجموعة من العمليات والأنشطة التربوية والتقنية والإدارية، من قبيل: مد التلاميذ بمعلومات حول ذواتهم ومحيطهم المدرسي والمهني والاقتصادي، باعتماد الوسائل المتوفرة والملائمة، من دعائم إعلامية، وأدوات قياس، ومقابلات فردية وجماعية وغيرها من الأنشطة والعمليات المتوزعة والممتدة على طول السنة الدراسية. وتتوج هذه الأنشطة والعمليات، بتعبير التلميذ عن رغبته على بطاقة الرغبات، بعد إجرائه مشاورات مع مدرسيه وأولياء أمره. يرجع قرار التوجيه النهائي، إذن، إلى التلميذ نفسه ومدرسيه، بناء على خدمات الاستشارة والتوجيه التي يقدمها المستشار في التوجيه التربوي إلى جميع التلاميذ بتنسيق مع أساتذتهم وأولياء أمورهم. ولا يمكن للمستشار في التوجيه التربوي أن يتخذ قرار توجيه معين عوضا عن التلميذ ومدرسيه.
VI.        عود على بدء ومقترحات:  
لماذا عتبة النجاح؟ وما هي أهدافها ومزاياها في إطار منظومة التربية والتكوين والتوجيه التربوي؟
من المعلوم، كما تقدم، أن عتبة النجاح معدل يتم الاتفاق حوله، يضمن النجاح والانتقال والتوجيه للتلاميذ الذين سجلوا نتائج مدرسية سنوية تعادل في مجملها هذا المعدل أو تفوقه. وبديهي، أنه كلما ارتفعت عتبة النجاح، كلما تقلص عدد التلاميذ الناجحين. وكلما انخفضت هذه العتبة، كلما شمل النجاح أكبر عدد من التلاميذ. وأن قرار النجاح، لا محالة، يدرأ التلميذ شر التكرار وشر الفصل على الأخص. حيث إن فصل التلميذ يعني، بشكل مباشر، الزج به في متاهات التسكع والانحراف والانحلال الخلقي، الشيء الذي يسهم في رفع نسب البطالة وانتشار الجريمة، في غياب مؤسسات اجتماعية تأطيرية، وعدم توفر المؤسسات المهنية على طاقات استيعابية كافية. أما قرار التكرار، فيعتبر البوابة المؤدية، لأغلب التلاميذ المكررين، إلى الفصل عن الدراسة. وعلى الأرجح، وقبل حلول موعد الفصل عن الدراسة، يغادر أغلب التلاميذ المكررين الأسلاك الدراسية وينقطعون عن الدراسة، ملتحقين بمن طالهم قرار الفصل قبلهم، ومواجهين نفس مصيرهم. وحيث إن ثقافة تكرار نفس المستوى لم تنضج بعد فالتكرار ليس مجديا مدرسيا، إذ أن التلميذ المكرر لا يتم معالجة وضعيته منهجيا وتربويا وفق طرق وبرامج فعالة وناجعة تمكنه من تجاوز الصعوبات المدرسية التي تعترضه؛  والتكرار منبوذ اجتماعيا، إذ تلصق بالتلميذ المكرر أبشع الصفات والنعوت تطارده أين ما حل وارتحل؛  والتكرار شعور التلميذ المكرر بالدونية والاحتقار لنفسه ومهانة لشخصه وانتقاصا لقدراته الفكرية والجسمية. لهذه الحيثيات الملموسة والواقع المعاش الناجم عن الفصل والتكرار، يمكن الجزم أن النجاح والانتقال، إلى المستويات الموالية ولو بنتائج جد منخفضة، أمر مقبول وإيجابي، يضمن مواصلة التلميذ دراسته والاحتفاظ به ضمن الأسلاك الدراسية. والنجاح، قبل هذا وذاك، مطلب اجتماعي. والنجاح والانتقال والتوجيه بمعدلات منخفضة لا يعني، وبشكل قطعي، تأجيل الفصل عن الدراسة، بل على العكس من ذلك، يعني وبشكل مؤكد، أن التلميذ ينتقل إلى مستوى أعلى، ويمكن أن يحسن مستوى تحصيله الدراسي، ما يضمن له مستوى معرفيا أحسن، وتأهيلا مهنيا أفضل. والأفيد والأفضل من هذا وذاك، يتم الاحتفاظ بالتلميذ ما أمكن في حضن المدرسة التي تعتبر مكان تعايشه الطبيعي صحبة رفاقه، تضمن له رصيدا معرفيا وتربية حسنة، تقيه شر الانحراف والانحلال الخلقي إلى حين تجاوزه مرحلة المراهقة والطيش، وإلى حين بلوغه سن الرشد والنضج والقدرة على ملامسة واقعه ومعرفة ذاته، وإلى حين تمكنه من رصيد ثقافي، معرفيا ومهنيا، يضمن له الاندماج في الحياة العملية كفرد منتج وصالح لنفسه ولمجتمعه.
المراجع
§       الميثاق الوطني للتربية والتكوين، 2000، المغرب؛
§       البرنامج الاستعجالي 2009-2012، المغرب؛
§       النصوص التشريعية الناظمة لمجال الاستشارة والتوجيه، المغرب؛
§       النصوص التشريعية الناظمة للامتحانات والتمدرس بالسلك الثانوي، المغرب؛
§       علم النفس التعليمي، د. عبد الرحمان العيسوي، 2000 ، بيروت، لبنان؛
§       المنهل التربوي، أ- عبد الكريم غريب، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006، المغرب؛
§       دراسات ومقالات نشرت لي على الأنترنيت، منذ 2006 إلى 2010؛
§       تقارير دورية وسنوية حول أنشطة المستشار في التوجيه التربوي والعملية التربوية بالمؤسسة التعليمية؛

نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.

إرسال تعليق

 
Top