خصصت الحكومة، من خلال قانون المالية لسنة 2015، قرابة 50 مليار درهم لمباشرة الإصلاح التربوي المنتظر. أما قطاع التكوين المهني، فسيستفيد من ميزانية بقيمة 403 مليون رهم. وتشكل المجالات التي يراهن عليها هذا الإصلاح، إحداث عدد من المدارس والثانويات، في أفق الرفع من نسبة التمدرس إلى مائة في المائة في السلك الابتدائي، و90 في المائة في السلك الإعدادي، و65 في المائة في السلك الثانوي.
في انتظار ما سيسفر عنه مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين، الذي تعده وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، بتوجيه من المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، والذي من المقرر أن يعرض أمام الملك في مستهل السنة الجديدة، وضعت حكومة عبد الإله بنكيران، من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2015 الاعتمادات اللازمة لتفعيل هذا الإصلاح. وهي اعتمادات مالية حافظت بنسبة كبيرة على المستويات نفسها التي سبق أن صرفت خصوصا على عهد المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، والذي كانت ميزانيته قد فاقت الأربعين مليار درهم.
اليوم تقول فقرات القانون المالي للسنة الجديدة، إن قطاع التربية الوطنية سيحظى بـ 45.9 مليار درهم. في حين سيصرف لقطاع التكوين المهني 403 مليون درهم، وذلك لمواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين.
وتعتبر حكومة بنكيران أن أهم إنجازات سنة 2014 كانت هي تنصيب المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي حل محل المجلس الأعلى للتعليم. والذي منحه الدستور الجديد صفة الهيئة الاستشارية المستقلة.
أما الإنجاز الثاني الذي تفخر به الحكومة في قطاع التربية الوطنية، فهو تعميم التمدرس، في كل الأسلاك التعليمية. وهو تعميم تراهن الحكومة على استكمال ورشه في 2015. الورش الذي تريده وفق مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين بهدف الحد من الصعوبات التي يواجهها تطبيق البرنامج الاستعجالي، خاصة فيما يتعلق بالولوج إلى التعليم التمهيدي والمساواة بين جميع مستويات المنظومة التعليمية. وكذا تحسين التعليم.
كما تراهن وزارة بلمختار، من خلال مشروع الميزانية الذي رصد للقطاع برسم السنة المقبلة، على تحسين مستوى الحكامة في نظام التعليم عن طريق إعادة النظر في عمل مجالس الإدارة بالأكاديميات الجهوية للتعليم والتكوين. وكذا ميكانيزمات التعاقد، وتطوير قدرات الفاعلين على جميع المستويات، خاصة بالمؤسسات التعليمية. هذا مع مواصلة المجهودات المبذولة بخصوص اعتماد منظومات معلوماتية و تقييمية.
ويراهن مشروع الإصلاح، الذي رصدت له الحكومة ذلك الاعتماد الذي قارب 50 مليار سنتيم، على إحداث 50 مدرسة جماعاتية و 60 ثانوية إعدادية جديدة، و 30 ثانوية تأهيلية. هذا مع إنشاء مركز للأقسام التحضريية. وتعويض 1000 حجرة مفككة؛ وتأهيل 3.280 مؤسسة، وربط 2.733 مؤسسة بشبكة الماء الصالح للشرب، و 3.648 مؤسسة بشبكة الكهرباء، و 3.440 مؤسسة بالصرف الصحي، والمرافق الصحية، خصوصا وأن ما سبق أن كشف عنه المخطط الاستعجالي حينما قام بعملية التشخيص في 2008، هو أنه سجل أن نسبة كبيرة من حالات الهدر المدرسي، خصوصا بالنسبة للتلميذات، هوغياب مرافق صحية بداخل المؤسسات التعليمية.
مشروع وزارة بلمختار يسير، أيضا، في اتجاه تجديد تجهيزات 3.780 مؤسسة وداخلية؛ واقتناء المعدات التربوية للأقسام التحضيرية، وتأهيل وتوسيع العرض في مجال التعليم التقني.
أما الأهداف التي تروم هذه المحاور تحقيقها، برسم الموسم الدراسي 2016/2017، فهي الرفع من نسبة التسجيل إلى مائة المائة 100 في السلك الابتدائي، 90 في المائة في السلك الإعدادي. على أن يصل الرقم في السلك الثانوي إلى 65 في المائة.
وبالإضافة إلى الحد من نسبة الهدر المدرسي بحصره في حدود 2,1 في المائة في السلك الابتدائي، و5,6 في المائة في السلك الإعدادي. على ألا يتجاوز في السلك الثانوي التاهيلي 7,4 في المائة.
ويراهن برنامج عمل 2015 من خلال القانون المالي لهذه السنة على بلوغ نسبة التمدرس 75 في المائة بالسلك الأولي، على اعتبار أن التعليم الأولي، إلى جانب التعلمات الأساسية، هو الشق الأساسي في كل عملية الإصلاح المفترضة لقطاع التربية والتكوين.
أما في قطاع التكوين المهني، الذي خصص له قانون المالية 403 مليون درهم، فقد بنت الحكومة برنامج عمل سنة 2015 على مواصلة ورش إصلاح حكامة نظام العقود الخاصة بالتكوين ؛ وإطلاق التطبيق العملي للاستراتيجية الجديدة المندمجة للتكوين المهني، ومواصلة مواكبة المهن العالمية للمغرب، والقطاعات المتجددة واللوجستيك من خلال توسيع معهد مهن الطيران؛ والانتهاء من أشغال بناء وتجهيز معهد التكوين في مهن الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية بورزازات. وإطلاق أشغال بناء معهد آخر في طنجة؛ وإطلاق أشغال بناء معهد متخصص في مهن لوجستيك الموانئ بميناء طنجة المتوسطي.
وفي قطاع التربية غير النظامية، وتفعيلا لتعميم التمدرس، اعتمدت الحكومة آليات تخص دعم قطاع التربية غير النظامية للأطفال دون سن السادسة عشرة. وذلك من أجل إعادة إدماجهم في المنظومة التعليمية، أو منظومة التكوين المهني. وبلغة الأرقام، استفاد حوالي 46.500 تليمذ في الموسم الدراسي 2013 /2014 و 52.000 في الموسم الدراسي 2014/2015 في إطار برنامج «فرصة ثانية للتمدرس»، وكذا من آليات «المواكبة البيداغوجية» حيث بلغ مجموع المسجلين الجدد 24.500 خلال موسم 2013/2014 و 28.000 تلميذا في الموسم الدراسي2015-2014.
وفي قطاع محاربة الأمية،
ثم في 2014 إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية تتكلف بتقويم الوضع الراهن بالمغرب، وإصدار تقرير سنوي حول تقدم برنامج محو الأمية؛ مع التوقيع على 1.180 اتفاقية بين الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية ومختلف الجمعيات الشريكة مكنت من تسجيل 558.138 مستفيد خلال
الموسم 2014-2013. ويقدر العدد الإجمالي للمستفيدين من برنامج محو الأمية خلال العشر السنوات الأخيرة، ما يزيد عن 7 مليون شخص، تشكل النساء بينهم 84 في المائة. وأزيد من 50 منهم من سكان القرى.
وفي برنامج عمل سنة 2015، تراهن الحكومة على مواصلة تعبئة مختلف الشركاء العموميين والخواص. وكذا مكونات المجتمع المدني من
أجل الرفع من عدد المستفيدين سنويا، ليصل إلى 800.000 شخص؛
وذلك بمواصلة المجهودات من أجل تنويع البرامج والآليات التعليمية بغية الاستجابة للمتطلبات المستجدة للمستفيدين، في أفق خفض نسبة الأمية إلى 20 في المائة في أفق 2016 بعد أن كانت قد بلغت 28 في المائة في متم سنة 2012.
هذه هي العناوين الكبرى لسياسة الحكومة في قطاع التربية والتعليم، الذي ينتظر مشروع الإصلاح الذي بشرت به. وهي عناوين خصصت لها قرابة خمسين مليار درهم، ما يعني أن بلمختار ماض في تنزيل مخطط الإصلاح على أسس مالية محترمة.
غير أن كل الخوف هو أن تذهب هذه الملايير أدراج الرياح مع مخطط بلمختار، كما ذهبت مع مخطط اخشيشن. لذلك يفترض في حكومة بنكيران أن تسهر على تطبيق برنامجها الذي وعدت به في 2015 وخصصت له كل هذه الاعتمادات المالية.
يذكر أن من بين أسباب فشل الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي كان قد حظي بتوافق كل المتدخلين في قطاع التربية والتعليم، هو عدم توفير الإمكانيات المالية الكافية لتنفيذ كل برامجه. وهو ما استفاد منه المخطط الاستعجالي لأخشيشن من بعد. ويستفيد منه اليوم المخطط الجديد لرشيد بلمختار.
المساء - أحمد امشكح
إرسال تعليق