GuidePedia

0
مكناس في 10 دجنبر 2014
عبد اللطيف شعيب

لا أحد ينكر المجهودات المبذولة من طرف وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني و من طرف الإدارات الجهوية و الإدارات المحلية، للدفع بمجال التوجيه التربوي إلى الأمام كي يطلع بدوره المكمل و المتوِّج لمختلف العمليات التربوية الأخرى، لا سيما منذ الانطلاق بالعمل، بمقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و من بعده، ببنوذ البرنامج الاستعجالي.
لكن هذا لا يمنعنا أن ننقل لكم الصعوبات التي لا زالت تعترضنا كأطر للتوجيه التربوي العاملين في كل ربوع الوطن:
كما لا يخفى عليكم، فعمل المستشار في التوجيه يرتكز بالأساس على مساعدة التلميذ انطلاقا من ثلاث أقطاب:
1- معرفة ذاته 2- معرفة محيطه 3- تحديد اختيار دراسي يناسبه.

1- حول معرفة الذات : 
 فقد أرْسَت الوزارة منذ السنة الفارطة نظام مسار لتسهيل تسيير المؤسسة و لتيسير عملياتها الإدارية، و حتى يكون أداة تواصل بين المؤسسة و العاملين بها من جهة، و بين التلاميذ و آبائهم من جهة أخرى. لكننا نسجل باستغراب كيف أغفلت الوزارة المستشار في التوجيه التربوي في ولوج هذا النظام، حتى يتسنى له تتبع عن قرب مسار التلميذ الدراسي و حركيته في حينها،حيث أن هذه المعلومات تدخل في صلب مهام المستشار في التوجيه لمعرفة الذات لدى التلميذ. و رغم هذا العائق فقد ضل المستشار في التوجيه متمسكا بمهمته في هذا الشأن و متمسكا بالتنسيق مع فاعلين تربويين آخرين من أجل المساهمة في عمليات التوجيه و إعادة التوجيه التي تعتبر أساسية لإنجاح عمليتي الدخول و الخروج المدرسي ،و التي تمت بنجاح خلال آخر السنة الفارطة و في بداية السنة الجارية . كما أن ذلك لم يمنعه من تجنده اليومي لتقديم الاستشارة و الاقتراحات و التأطير و الإعلام و تتبع التقويمات، في إطار تفعيل المقرر التنظيمي للسنة الدراسية الذي أعلنت عنه الوزارة.و المخططات الموازية معها، التي وضعتها المصلحة الجهوية و المصالح المحلية التابعة لها. 
2- أما حول معرفة المحيط :
فلا زال أطر التوجيه يجدون صعوبة للحصول على المعلومات الحقيقية و الضرورية ، سواء منها المرتبطة بالمهن، أو بسوق الشغل، أو المتعلقة بشروط و كيفية ولوج بعض المؤسسات و بعض الوظائف، إذ لا زلنا نجد مؤسسات لا تنظم مباريات للالتحاق بها، و لا تعلن للعموم عن حيثيات ولوجها.و أخرى تنعدم فيها الشفافية المرغوبة . كما توجد مؤسسات لا زالت تشجع على التمييز المسبق بين المرشحين،إذ تخصص حصة تناهز 33 في المائة من مقاعد ولوجها لنوع خاص من المرشحين ، و لا تترك سوى 67 في المائة للتلاميذ الآخرين، عوض الاحتكام للمبارة و الكفاءة. 
في ظل ما سبق، يبقى أطر التوجيه يعولون على جهدهم الشخصي للحصول على المعلومة المرتبطة بهذه المؤسسات. بل يعتمدون على علاقاتهم الخاصة للحصول على المستجدات التربوية حتى من وزارتهم، كما كان الشأن مع المسالك الدولية للبكالوريا المغربية. لقد كان المستشار في التوجيه هو آخر من يعلم بهذا المستجد، ومع ذلك فقد وجدناه هو الأول الذي طُلب منه توضيح هذه المسالك و كذلك المسالك المهنية و شعب التربية البدنية، للتلاميذ و لأوليائهم. و قد قام بذلك من خلال مواقع وصفحات للتوجيه على الأنترنيت، و بواسطة وثائق، و من خلال لقاءات مباشرة مع المعنيين، و مع من كان يرغب في ذلك. كما أنه ساهم في عملية انتقاء التلاميذ لولوج هذه المسالك رغم أن عددا منهم لم يكن مقتنعا من جدوى ذلك، إذ كان ينبغي أن يكون التوجيه لها اختياريا لا انتقائيا، لقد كان أولى بالوزارة أن تحافظ على تكافئ الفرص بين جميع التلاميذ و تزيد من عدد الساعات المخصصة للغات الأجنبية لكافة التلاميذ عوض أن تحدث مسالك جديدة تقوي اللغات الأجنبية لبعضهم فقط . 
3- و في ما يخص تحديد الاختيار المناسب للتلميذ أو ما يصطلح عليه بتحقيق المشروع الدراسي للتلميذ:
فإننا نعيش مع التلاميذ الحاصلين على البكالوريا كل سنة مآسي عديدة،فرغم أن عددا منهم يصل إلى مبتغاه و يتسجل بالشعبة الجامعية أو التكوينية التي كان يرغب فيها، و يحقق بذلك مشروعه الدراسي، إلا أن الغالبية العظمى منهم لا يتحقق لهم ما كانوا يصبون إليه، و من شأن هذا أن يزيد من التذمر لذى الطلبة. بل يؤذي بالعديد منهم إلى التوقف عن الدراسة في المرحلة الجامعية أو التكوينية، و في أحسن الحالات التعثر بها. و رغم هذه الوقائع التي نعيشها مع خريجينا كل سنة،و رغم ما ينشره الإعلام من نعوث قدحية تيئيسية تزيد الطين بلة تجاه منظومتنا التربوية ، كفشل التعليم ببلادنا، وعدم ملائمة تكوين الخريجين مع سوق الشغل و غير ذلك من الأوصاف السلبية السوداوية، فإن أطر التوجيه يحاولون جاهدين زرع الأمل و إنعاش الطموح لذى التلاميذ و إبعادهم عن التفكير في الفشل و الإحباط و الإحساس بالملل، مستعينين في ذلك بالنماذج الناجحة من خريجي المدرسة المغربية التي أبلت البلاء الحسن أينما ولت و ارتحلت، و من ضمنها المؤسسات الجامعية الأجنبية.
و في الأخير نبلغكم ببعض التضحيات التي تقوم بها هذه الفئة بدون مقابل، إضافة إلى مهامها الرسمية، كتغطيتها تطوعيا لكل المؤسسات العمومية التي لا تُعين الوزارة بها مستشارين في التوجيه بعد شغورها بسبب إحداثها أو بسبب حصول المستشار السابق بها على التقاعد. و كذلك تغطيتها تطوعيا لكل المؤسسات الخصوصية بالجهة، هذه المؤسسات التي أصبحت تتزايد كل سنة، و التي أصبحت متطلباتها في مجال الإعلام و المساعدة على التوجيه تفوق متطلبات المؤسسات العمومية نظرا لطبيعتها الخاصة. كما أن مهاما إدارية و تأطيرية أخرى تسند لهذه الفئة، كمشاركتهم في لجان تربوية أو مهنية، نيابية أو جهوية .و مشاركتهم في لقاءات إعلامية محلية و جهوية و وطنية . و مشاركتهم في بعض العمليات المنظمة بالمراكز الإقليمية للإعلام و المساعدة على التوجيه. و في عمليات مرتبطة بالتكوين المهني، و مشاركتهم في تنفيذ بعض البرامج التي تدخل في إطار الشراكات الثقافية مع دول أجنبية.و قيامهم باتصالات مع أطراف أخرى للتزود بالمعلومات المحينة. و إدارتهم طيلة السنة، لعدد من المواقع و الصفحات المرتبطة بالتوجيه على الأنترنيت.
اعتبارا لكل ما سبق نتمنى أن تأخذ الوزارة بعين الاعتبار التضحيات الجسام التي تقوم بها هذه الفئة من أطرها، و أن لا تستثنيهم من التحفيز على غرار ما تقوم به مع أطر مماثلة.كما نتمنى أن يرتبط تحيين النصوص المنظمة لمجال الاستشارة و التوجيه بالواقع المعيش، و أن يكون مؤطرا بالنظريات المتفق على نجاعتها و المعمول بها عالميا، و ليس بما يمكن لأي مسؤول أن يتصوره و غير القابل للتطبيق. و أن تنص بوضوح كما هو حاصل مع الفاعلين التربويين الآخرين على التعويض المادي في ما يرتبط بخدمات الإعلام و المساعدة على التوجيه التي بدأ يُطلب منه بإلحاح تقديمها إلى تلاميذ و أولياء مؤسسات القطاع الخاص و العاملين بها، حيث بدؤوا يستشعرون تدريجيا أهميتها و ضرورتها لتنوير و مساعدة المتمدرسين بها.

عبد اللطيف شعيب : مفتش في التوجيه التربوي

إرسال تعليق

 
Top